قالت منظمة هيومن رايتس ووتش، إن الابن السجين للرئيس الليبي السابق معمر القذافي، الساعدي القذافي، ورئيس الاستخبارات العسكرية السابق عبد الله السنوسي، ورئيسي الوزراء السابقَين، أبو زيد دوردة والبغدادي المحمودي يتعرضون لانتهاكات في إجراءات التقاضي السليمة.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، التقى باحثون من المنظمة، المسؤولين السابقين في عهد القذافي على انفراد، حيث تحدثوا عن انتهاكات تجري بحقهم.
وبحسب التقرير الذي اطلعت عليه “عربي21“، قالت المنظمة على لسان مديرتها التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، سارة ويتسن، إن على المحكمة الليبية العليا الرد على مزاعم المتهمين ومحاميهم بشأن الانتهاكات بحقهم.
وزعم جميعهم أنه لا يسمح لهم بمقابلة محاميهم على انفراد، ولا يستطيعون استدعاء الشهود، وترفض السلطات السماح لهم بالكلام أثناء المحاكمة، ويتعرضون لسوء المعاملة أثناء الاستجواب.
وكانت المحكمة حكمت على ستة مسؤولين سابقين آخرين بالإعدام وسجن 23 آخرين لمدد تتراوح بين خمس سنوات والمؤبد والحرمان الدائم من الحقوق المدنية.
وقالت المنظمة إن المحاكمة شابتها انتهاكات خطيرة للإجراءات القانونية، في حين أوضح رئيس قسم التحقيقات في مكتب المدعي العام أنه كان يفترض أن يقدم المتهمون الطعون على الأحكام الصادرة بحقهم في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وطالبت المنظمة بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بحق القذافي، وغيره من المعتقلين من المسؤولين السابقين، ونشر النتائج.
الساعدي القذافي يتحدث
وفي مقابلته مع هيومن رايتس ووتش، قال القذافي إنه متهم بقتل أحد أصدقائه، نافيا ذلك، واشتكى من تأخر جلسات المحاكمة بسبب صعوبات استخراج شهادة وفاة للمتهم الآخر في ذات القضية، وأن عددا غير معروف من المحققين استجوبوه في قضايا سياسية وأمنية.
وأضاف القذافي أنه تمكّن من توكيل محام مؤخرا، إلا أنه لم يحظَ بتمثيل قانوني مذ سلّمته النيجر يوم 6 آذار/ مارس 2014 وطوال فترة الحبس الاحتياطي والتحقيق. وقال أيضا إن السلطات رفضت طلبه عقد اجتماعات خاصة مع محاميه دون وجود حراس، بسبب “مخاوف أمنية“.
وقال إن شهود الدفاع عنه تعرضوا “لضغوط هائلة” والترهيب حيال تمثيله فخافوا من الانتقام، وقال إن المحامين لم يحضروا أيا من جلسات الاستجواب التي زعم أن موظفي النيابة العامة رهّبوه وهددوه خلالها، هو وشهود آخرون.
وتابع القذافي بأنه احتُجز في الحبس الانفرادي في سجن الهضبة منذ تسلّمه من النيجر وأودع في زنزانة بلا نوافذ، لكن فيها مروحة، دون تواصل مع المعتقلين الآخرين. وقال إنه لم يحظَ بزيارات عائلية، لكن سُمحت له مهاتفتهم في مناسبات محدودة وبحضور الحرس. وأضاف أنه كان يعاني من آلام في الظهر بسبب عمليتين جراحيتين سابقتين فضلا عن ضيق في التنفس، وقد تلقى العلاج الطبي في الهضبة.
عبد الله السنوسي.. خائف من الإعدام
أما رجل الاستخبارات الأول في عهد القذافي، عبد الله السنوسي، فهو لم يحظَ بمحام أثناء مرحلتي الاستجواب أو الحبس الاحتياطي، عندما اتُهم بارتكاب جرائم خطيرة تُفضي للإعدام، وقال إن الشهود الرئيسين في قضيته، لم يمثلوا أمام المحكمة وإن المدعي اعتمد على “شهادات ملفقة”.
واتهم المحكمة بتلفيق شهادات له مقابل الإفراج عن صاحبها، ذاكرا أن اسمه “منصور ضو”، وأن النيابة عرضت عليه صفقة للإفراج مقابل الشهادة ضد السنوسي.
واشتكى السنوسي من رفض المحكمة السماح له بالكلام واكتفائها بحضور المحامي الذي ينوب عنه.
وكشف أن الحكومة الليبية دفعت مبالغ مالية كبيرة لموريتانيا مقابل تسليمه.
وبسبب خوفه من صدور حكم عليه بالإعدام، طالب السنوسي بمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية، مستنكرا السماح للسلطات الليبية بمحاكمته لأن ليبيا تصدر أحكاما بالإعدام.
البغدادي المحمودي: عذبوني بالكهرباء
أما رئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي، والذي فر إلى تونس بعد الثورة الليبية وسلمته السلطات هناك إلى بلاده، فهو لم يحظَ بمحام أثناء مرحلة الاستجواب بأكملها، وعند السماح له بالاستعانة بمحام، لم يلتقه على انفراد، وأضاف أن النيابة العامة هددته وعذبته أثناء التحقيق، وزعم تعرضه للتعذيب بالكهرباء أربع مرات.
وقال إن المرافعات في محاكمته كانت شكلية، ولم يسمح إلا بالاستماع إلى ثلاثة شهود بسبب ما قالت المحكمة إنه “ضغط الرأي العام“.
وقال إن محاميه لم يتمكنوا من “قول الحقيقة” في المحكمة خوفا من الانتقام، وإنه لم يستطع مواجهة أي من شهود الادعاء ضده.
أبو زيد دوردة وحيدا بلا محام
أما رئيس الوزراء السابق أبو زيد دوردة، والذي لم يفلح في الفرار من ليبيا بعد الثورة، فقال إن محاميه انسحبوا من تمثيله، بسبب ضغوط من جماعات مسلحة، وإن الشهود في القضايا المتهم بها لم يحضروا بسبب مخاوف أمنية.
وأكد دوردة أنه لم يلتق بأي من محاميه على انفراد، وأن السلطات أصرت على حضور لقائه بمحاميه.
وقال إنه يعتقد أن القضاة، قبل النطق بأحكامهم، لم ينعموا بالوقت الكافي لقراءة كل التقارير والشهادات المقدمة نيابة عن 37 متهما، كانوا في الأصل متهمين مشاركين في المحاكمة نفسها.
وتابع بأنه احتُجز في زنزانة انفرادية منذ اعتقاله قبل ثلاث سنوات. ولم يشتَكِ من أوضاع السجون الحالية وأقر باستقباله بعض الزيارات العائلية، رغم وجود الحرس.