كيف يمكن للقارة العجوز حل أزمة المهاجرين؟
قال كاتب بصحيفة واشنطن بوست إن أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ حروب البلقان في تسعينيات القرن الماضي تضغط على القارة الأوروبية بشكل أسرع مما يمكن استيعابها، حيث لم تتمكن الدول الـ28 في الاتحاد الأوروبي من الاتفاق على حل موحد حتى الآن.
وعرض الكاتب مايكل بيرنباوم، وهو مدير مكتب واشنطن بوست في موسكو، في مقال بالصحيفة، عدداً من الحلول أو الخيارات المتاحة أمام أوروبا للتعامل مع أزمة اللاجئين، مشيراً إلى أن القادة في أوروبا منقسمون بشأن هذه الاقتراحات.
أول الخيارات هو عدم القيام بأي شيء، حيث سبق أن حاولت أوروبا اعتماد خطة لتوزيع اللاجئين على الدول الأوروبية في بداية الصيف، وقت أن كان عدد اللاجئين حوالي 40 ألفاً فقط، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق. لذلك فمن المتوقع أن تبقى أوروبا عاجزة أثناء مناقشة نفس الاقتراح بعد أن تضاعف عدد اللاجئين.
وأشار الكاتب إلى أن عدداً قليلا من القادة في أوروبا لا يرغبون في التدخل، لاسيَّما أولئك الذين يرغبون في إرضاء الناخبين على المستوى الداخلي مما يجعل من الصعب التوصل إلى اتفاق حول القضايا الأوروبية الأوسع نطاقاً، لكن في المقابل يرى عدد أكبر من القادة في أوروبا ضرورة التدخل والعمل سويا من أجل حل أزمة اللاجئين خصوصاً المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والتي قالت «إذا فشلت أوروبا في التعامل مع مسألة اللاجئين فإنها لن تكون أوروبا التي أملنا فيها» وحذرت في الوقت نفسه من أن عدم التوصل إلى اتفاق جماعي في أوروبا بشأن هذه المشكلة يمكن أن يؤثر على الوحدة الأوروبية بأسرها.
من الخيارات التي تدرسها الدول الأوروبية بحسب الكاتب نظام الحصص، وهو ما يقترحه رئيس المفوضية الأوروبية جين كلود جانكر، من خلال سحب اللاجئين من الدول الأولي التي دخلوها -اليونان وإيطاليا والمجر- وتوزيعهم على الدول الأوروبية بحيث تحصل كل دولة على عدد لاجئين فيما يكون من المتوقع أن تكون الحصة الأكبر في ألمانيا وفرنسا وإسبانيا.
ويشير الكاتب إلى أن هذا الحل يلقى ترحيباً من جانب بعض القادة الذين يرون أن هذا الحل من شأنه تخفيف العبء عن الدول الثلاث الأولى والتي استقبلت هذا العام قرابة 400 ألف من طالبي اللجوء كما أنه يساعد على وضع حلول لمشكلة من المتوقع أن تزداد وطأة في الفترة القادمة.
لكن في الوقت نفسه يلقى هذا الاقتراح اعتراضات من جانب البعض الآخر الذين يرون أن الخطة غير ملائمة للتعامل مع الأعداد الكبيرة المتوقعة للاجئين في الأعوام القادمة، كما أنه حل يثير إشكاليات متعددة منها على سبيل المثال احتمال تشتت أفراد الأسرة الواحدة بين عدة دول، وكيف يمكن لأوروبا من دون حدود أن تتأكد من بقاء المهاجرين في الدولة التي يدخلوها؟
وقال بيرنباوم إن الاتحاد الأوروبي أمامه خيار التعامل العسكري مع المهربين الذين يقومون بنقل اللاجئين إلى أوروبا. كانت بريطانيا من الدول التي تدعو إلى اعتماد قرار من مجلس الأمن الدولي من أجل الموافقة على نشر القوات البحرية لاعتراض القوارب السيئة التي تنقل راغبي اللجوء من شواطئ مصر وليبيا إلى السواحل الأوروبية.
وأضاف الكاتب أن هذا الحل يحظى بدعم أولئك الذين يعتبرون أنه سوف يثبط عزيمة المهربين الذين يرتبطون في الغالب بمنظمات إجرامية ويجنون أرباحاً كبيرة من هذا العمل، لكن في الوقت نفسه يرى معارضو هذا الاقتراح أن استهداف المهربين في الواقع لا يتعامل مع جذور المشكلة وسوف يساعد على نقل المشكلة إلى عدد آخر من الدول.
ويشير الكاتب إلى أن أوروبا تفكر كذلك في تسكين المهاجرين مباشرة من معسكرات اللاجئين حول سوريا ومن سوريا نفسها. هناك سوابق تاريخية لهذا الأمر وسوف تكون هذه نسخة القرن الحادي والعشرين، حيث تقوم أوروبا بمنح تأشيرات الدخول في الدول التي تستضيف 4 ملايين لاجئ بالفعل.
يرى مؤيدو هذا الاقتراح أنه الخيار الأكثر إنسانية لأنه سوف يضع حداً لعصابات التهريب، يحصل اللاجئون على تأشيرة وينتقلون بالطائرة من تركيا، لبنان أو الأردن مباشرة إلى أوروبا مما يوفر المخاطر بل والتكلفة لاسيَّما وأن رحلة التهريب تكلف حوالي 10 آلاف دولار. ومع هذا يقول الكاتب إن هذا الاقتراح يلقى قدراً ضئيلا من التأييد السياسي في أوروبا.
وختم الكاتب المقال بالقول إن أمام أوروبا خياراً أخيراً وهو إحلال السلام في سوريا وأفغانستان والعراق واريتريا. الاضطرابات التي تحدث في هذه الدول تتسبب في نزوح العدد الأكبر من طالبي اللجوء في أوروبا. إذا لم يكن هناك عنف في تلك الدول ما كانت أوروبا لتواجه أزمة لاجئين من البداية. ورغم هذا الحل سيجعل الجميع سعداء إلا أنه من غير المتوقع أن يحدث على أرض الواقع في المستقبل القريب.