تزايدت المخاوف لدى سكان العاصمة الليبية طرابلس من احتمال انفجار الوضع الأمني، في أعقاب جلب الأطراف المتقاتلة في ضواحي المدينة كميات كبيرة من الأسلحة. وقال سكان في حي العزيزية في اتصال هاتفي إن الأسلحة التي يتم تجميعها حالياً من أحجام مختلفة، تدلُ على أن الوضع يسير نحو مواجهة شاملة، ستكون آثارها قاسية جداً على السكان المدنيين، الذين نزح كثيرٌ منهم من العاصمة إلى مدن أخرى أو غادروا إلى تونس. واستبعد السكان أن يكون تكديس الأسلحة لمجرد التأثير في مسار المحادثات إذا ما اتفق الجانبان المتصارعان على الجلوس على مائدة الحوار. غير أنهم أكدوا أن الوضع كان هادئاً أمس في العاصمة، وأن الاشتباكات الخفيفة اقتصرت على المحاور التقليدية في جنوب طرابلس.
السراج: كنا على أبواب تسوية سياسية قبل هجوم حفتر
وفي السياق جدّد مجلس الأمن الدولي، تفويض الدول الأعضاء تفتيش سفن يُعتقد أنها تنتهك حظر توريد الأسلحة في أعالي البحار قبالة سواحل ليبيا. وكان ذلك خلال جلسة عقدها المجلس أمس الاثنين، لمناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا. ويعيش البلد تحت وقع المعارك الدائرة في تخوم طرابلس منذ أطلق القائد العسكري للمنطقة الشرقية خليفة حفتر في الرابع من أبريل/ نيسان الماضي، عملية «بركان الغضب» للسيطرة على العاصمة، بزعم «تطهيرها من الميليشيات». واصطدمت قوات حفتر بالقوات الموالية لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا، والتي اعترضت زحف القوات الآتية من الشرق، ما جعل الحرب تراوح مكانها منذ أكثر من شهرين.
من جهة أخرى قال رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، إن البلاد كانت على أبواب تسوية سياسية بعد لقائه السادس في أبوظبي مع اللواء المتقاعد حفتر. وأفاد أن اللقاء أثمر التأكيد على جملة من القضايا أبرزها، «استبعاد الحل العسكري، ودعم المؤتمر الوطني الجامع، ووضع استراتيجية لبناء الجيش الليبي الموحد تحت سلطة مدنية، واعتماد مسار إعلامي ناضج بعيداً عن خطاب التأجيج والكراهية». جاء ذلك لدى استقبال السراج أمس رئيس لجنة الاطلاع الأوروبية رفيعة المستوى، وأعضاءها، وهي تضم شخصيات سياسية ودبلوماسية وأكاديمية وإعلامية من مختلف الدول الأوروبية. واعتبر السراج أن الهجوم على طرابلس يشكل «محاولة انقلاب لتقويض العملية السياسية، وهو رفض عملي للانتخابات وللدولة المدنية». وعلى صعيد متصل قال السفير الهولندي لدى ليبيا ، لارس مارس توميرس، إن هجوم قوات حفتر على طرابلس وما تبعه من تصعيد «يشكلان تهديداً للسلام والأمن الدوليين ويهددان استقرار ليبيا». ورأى في تغريدة نشرها على صفحته على «تويتر» أن ما وصفه بالتطرف العنيف والإرهاب «في تزايد الآن بعد الهجوم على طرابلس». واعتبر أنه لا يوجد حل عسكري ممكن في ليبيا، وأن المحادثات السياسية هي الحل الوحيد للأزمة في البلد.
على الصعيد الانساني، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أن المعارك الدائرة في طرابلس أثرت بشكل مباشر على 120 ألف طالب من الأطفال. وأوضح مكتب المنظمة في ليبيا في بيان نشر عبر موقعه الرسمي على الانترنت أول من أمس، أنه «مع دخول القتال في طرابلس شهره الثالث، يزداد وضع أطفال المدارس صعوبة بسبب نضالهم لمواصلة تعليمهم وتعلمهم».
وأضاف بيان المنظمة «طلبت وزارة التعليم إغلاق المدارس في المناطق المتأثرة بالنزاع، مما انعكس بشكل مباشر في تعليم حوالي 120 ألف طفل منذ اندلاع النزاع». ويعمل معظم المدارس في طرابلس حاليا بالحد الأدنى من القدرات، حيث يجد المعلمون صعوبة في العمل، فيما يتزايد قلق الآباء بشأن سلامة أطفالهم فيمنعون إرسالهم إلى المدرسة. مع ذلك وفرت المجالس البلدية في طرابلس الكبرى 27 مدرسة لكي تستخدمها العائلات النازحة داخليا كمراكز إيواء جماعية.
وأشار مكتب اليونيسف، الى أنه في إطار خطة عمله السنوية 2019-2020 مع وزارة التعليم، فإنها تدعم برامج اللحاق بالمدارس واستدراك الطلبة النازحين ما فاتهم نتيجة الحرب، وتستهدف نحو 700 طفل في الأحياء المتأثرة بالنزاع في طرابلس.