الوضع في ليبيا وسوريا واليمن. وأشار السفير السوداني إلى أن تخفيف العقوبات الدولية لم يشمل سوى تحويل الأموال، دون أن يرفع الحظر عن السودان، واتهم “الموساد” الإسرائيلي بلعب دور أساسي في تدريب أعداد كبيرة من الجنوبيين خلال حربهم الانفصالية على السودان.
- كلما خرجنا من مشكلة خلق لنا الغرب و”الموساد” مشكلة أخرى - زيارة البشير إلى الجزائر أحدثت قفزة في التعاون الاقتصادي بين البلدين
ما هي أهم النقاط التي تم الاتفاق عليها بين الجزائر والسودان خلال زيارة الرئيس عمر حسن البشير إلى الجزائر أكتوبر الماضي؟
هذه الزيارة جاءت بدعوة كريمة من فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، هدفها ترقية العلاقات بين البلدين، والحمد لله وصلت مرحلة متقدمة جدا وما كان ذلك ليكون إلا بالإرادة القوية للقيادتين في البلدين. والنتائج الملموسة لهذه الزيارة تتمثل في تحديد موعد اللجنة الوزارية المشتركة، والتي ستعقد في الخرطوم شهر جانفي، ستتطرق لكافة الموضوعات التفصيلية التي تمت المصادقة عليها أو التي في طور التنفيذ والتصديق، بالإضافة إلى المذكرات الجديدة، وهذه خطوة هامة جدا. أيضا تطرق البلدان لقضية تسيير خط جوي بين السودان والجزائر وأيضا خط بحري لتسهيل إجراءات النقل بين البلدين، وهذه خطوة هامة جدا ولكن حتى تدخل حيز التنفيذ نحتاج لبعض الترتيبات الفنية من قبل الطيران المدني للبلدين. ومن بين الأشياء الهامة جدا التعاون في مجال النفط والغاز مع شركة “سوناطراك”، وهو اتفاق هام جدا، فمن المتوقع أن يذهب وفد إلى السودان في الأيام القادمة للتباحث والتشاور حول الموضوعات التي طرحت أثناء اللقاء، والمتوقع أن تدخل حيز التنفيذ عما قريبا، كما كان هناك لقاء ضخم جدا بين رجال الأعمال الجزائريين وغرفة الصناعة والتجارة الجزائرية، طرحت فيه العديد من المشاريع وسلمت للمعنيين حتى يتم اختيار ما يناسب الجزائر منها، ومن ثم تنتقل لجنة مكونة من رجال الأعمال والغرفة التجارية على أساس التوقيع على ما اتفق عليه في السودان، وهذه قفزة كبيرة جدا في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري، كما تم التطرق لموضوع اللحوم حتى يمكن للجزائر أن تشيد لها مسلخا متكاملا من بيطريين ومعدات، ويدار بواسطة الجزائر بالكامل حتى تثق بجودة اللحوم السودانية وإمكانية وصولها إلى الجزائر بسعر يناسب الجزائريين. وتطرق الطرفان كذلك لميدان التعدين، فالسودان تزخر باحتياطات معدنية ضخمة جدا، ونتوقع أن تدخل بعض المجالات حيز التنفيذ عما قريب.
هل بإمكان هذه الزيارة أن تحول المشاريع المشتركة بين البلدين من مجرد أمانٍ إلى مشاريع مجسدة على الأرض؟
أستطيع أن أقول إن الزيارة أحدثت قفزة كبيرة جدا في مستوى العلاقات الاقتصادية، فمن قبل كنا نقول إن هذه العلاقات الاقتصادية أقل من المستوى السياسي في التطور، أما الآن فيمكننا القول إن المستوى الاقتصادي قارب المستوى السياسي من خلال هذه الزيارة التي كانت ناجحة ولها ما بعدها، وستكون دفعة قوية للعلاقات بين البلدين، وهذا أمر طبيعي بحكم العلاقة بين الشعبين. ولا بد لنا كمسؤولين أن نوفر لهم البيئة التي تساعد على زيادة هذه المحبة بين الشعبين، فنحن نعلم أن الشعب الجزائري يكنّ محبة وتقديرا للسودان، والشعب السوداني يبادل الجزائريين نفس هذه المحبة.
في الشأن السياسي، كيف كانت وجهة نظر البلدان بشأن الملفات العربية الطارئة خاصة الوضع في ليبيا واليمن وسوريا؟
تطرقت الزيارة للتطورات التي حدثت في الساحة العربية والإقليمية والدولية، وأكد السيد الرئيس والسيد وزير الخارجية (السودانيان) تطابق وجهتي النظر مع الجزائر في كافة القضايا الإقليمية، خاصة في الملف الليبي واليمني والسوري، وندفع معا إن شاء الله لكي تصل هذه البلدان الشقيقة إلى استقرار وأمن دائمين.
هل تم رفع الحصار عنكم بشكل تام أم جزئي؟
تم رفع الحصار عن المصارف الحكومية وليس رفع الحظر عن السودان المفروض علينا من أمريكا، وهذا الحظر جائر وغير عادل ومن طرف واحد وليس له أي مبررات، ولكن كان هناك جهد في إطار المصارف الدولية وتم رفع اسم السودان من قائمة غسيل الأموال، وهذا سهل موضوع التحويلات. ففي السابق كان هناك حظر على التحويلات المالية من وإلى السودان، والآن الحمد لله أصبح متاحا للبنوك السودانية التعامل مع كافة البنوك الأجنبية، سواء أكانت عربية أو دولية. نتمنى أن يشمل القرار رفع الحصار عن السودان، وكذلك اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، إن شاء الله.
ما علاقة تخفيف الحصار على السودان بمشاركته في عملية عاصفة الحزم في اليمن؟
هناك سوء فهم في الإعلام بين السودان ودول الخليج وإيران، والسودان يعي حقيقة هذه الحساسية، والسودان حدد مسار علاقته بإرادته الشخصية، فهو مع إيران في شكل محدد وهو موجود ومستمر، وطور علاقته مع دول الخليج بعد زيارة قام بها السيد رئيس الجمهورية إلى السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة، وتم توضيح رؤية السودان، والحمد لله ما كان يشاع من سوء فهم وخلافات انتهى تماما، وهذا هو الوضع الطبيعي. ومشاركة السودان في عاصفة الحزم جاء من قناعة تامة من السودان وليس من أي ضغوط من أي جهة، وشارك فيها بفاعلية، صحيح عززت العلاقة مع دول الخليج، لكن ليس هناك ربط بين الأمرين، فعلاقة السودان بالسعودية ومصر علاقة طيبة من السابق وحاليا حدث تطور.
صدر مؤخرا كتاب في تل أبيب، بعد رفع السرية عنه، يكشف بشكل تفصيلي تورط “الموساد” بشكل مباشر وقوي في تقسيم السودان، هل من توضيحات بخصوص هذا الدور؟ وهل مشروع
التقسيم مازال متواصلا في دارفور وجنوب كردوفان والنيل الأزرق؟
إسرائيل لم تتوقف حربها على العالم العربي، فهي تدّعي أن دولتها تمتد من الفرات إلى النيل، والسودان بحكم موقعه الاستراتيجي في قلب إفريقيا، وبحكم موارده الضخمة جدا وبحكم قوة شعبه وتماسكه، شكل إزعاجا كبيرا لإسرائيل، وكان من الطبيعي أن يفكر الإسرائيليون في كيفية تفتيت هذه الدولة وهذه القوة إلى جزئيات حتى يسهل ضربها من كل الأطراف، وهذا هدف استراتيجي تعمل على تحقيقه إسرائيل، ليس في السودان فحسب، ولكن في عدد من الدول متى استطاعت أن تحدث انشقاقات في الدول العربية والإسلامية تحديدا، فلن تتوانى في ذلك، ويجب علينا أن نعي هذا المخطط تماما، وأن نعمل على إجهاضه بالتوحد وليس بمصالح ضيقة بين الدول، لأنها هجمة الهدف منها محاربة الإسلام في المقام الأول أينما كان. ونؤكد ما قلته بأن إسرائيل لها الدور الأكبر في انفصال جنوب السودان، وكانت هناك أعداد ضخمة جدا من أبناء الجنوب الذين تدربوا في إسرائيل وفي النهاية ساهمت مساهمة فعالة بالتعاون مع الغرب في انفصال الجنوب، ونحن في النهاية تركنا حق تقرير المصير لأبناء الجنوب، فاختاروا الانفصال، ونحن بعد التزامنا الأخلاقي والديني تركنا لهم الخوض في معركة الانفصال. وواضح، كما تشاهدون الآن، التصدعات التي حدثت في جنوب السودان والمشاكل ما بين الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار، والمجاعة التي حدثت في جنوب السودان، حتى الغرب نفسه تحسر وندم على قرار انفصال جنوب السودان، لأنه أصبح عبئا عليهم، ولأنه لم تكن لديهم مقومات دولة، نحن كشعب السودان نتعاون مع الجنوبيين وكأننا شعب واحد، فعدد اللاجئين الجنوبيين في السودان ضخمة جدا، هناك دول جوار لجنوب السودان لكنهم لا يلجأون إلا للدولة الأم وهذا شيء طبيعي، لأنهم تآلفوا وتزاوجوا وتعارفوا بين الشعبين. أتوقع في المستقبل أن يتحد السودان وجنوب السودان مرة أخرى، لأن هذا شيء طبيعي، فقد كانت هناك ضغوط أو تغييب للحقائق دفعت الجنوبيين لاختيار الانفصال، وكانت هناك أيضا وعود ضخمة جدا من الغرب للجنوبيين، لكنهم لم يفعلوا شيئا، فالغرب يعد ولا يفي بوعوده.
الغرب وعد السودان قبل الانفصال برفع العقوبات، لماذا لم يلتزم الغرب بأهم شرط في الاتفاق الذي حصل بينكم وبينهم في نيفاشا في 2003، رغم انفصال الجنوب في 2011؟
الغرب وعدنا وعودا كثيرة جدا، وعد بمنح السودان حوالي 5 ملايير دولار، لم يدفعوا ولا دولارا واحدا، هذه واحدة من الحوافز. قالوا إنهم بعد انفصال جنوب السودان سنرفع العقوبات عن الخرطوم ولم يفعلوا شيئا، وكلما خرجنا من مشكلة خلقوا لنا مشكلة أخرى، خرجنا من مشكلة الجنوب خلقوا لنا مشكلة دارفور، واستطاع السودان بحكمته وصبره وأصدقائه أن يحل مشكلة دارفور، وليس هناك حاليا مشكلة في دارفور. والآن لدينا الحوار الوطني في السودان بمشاركة الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة لحل قضايا السودان من الداخل دون مشاركة أي جهة أجنبية أخرى، حتى أن الاتحاد الإفريقي طالب بالمشاركة فتم رفض طلبه، لأن السودانيين قادرون على حل قضاياهم والتدخل الأجنبي لديه أجندة خارجية، كما وعدوا جنوب السودان بأنهم إذا انفصلوا سيقدمون لهم أموالا ومشاريع ولكنهم لم يعطوهم ولو فلسا. الآن أغلى دولة في العالم هي جنوب السودان، فالأسعار خرافية لا تستطيع شراء قارورة ماء، لأنه لا يوجد إنتاج ولا جهد مبذول. فالخلاف ولد الفتنة وتركوهم هكذا، والعالم يشاهد الصراع الحاصل في جنوب السودان.